
عتمـةُ سـاعاتٍ مرّت .. كسوفُ شمسٍ في قلبِ السماء
.. سكراتُ الموت .. تهاوتْ صروحٌ عاليـــة
.. تحوّلت جنان خضراء وحدائـــــق غنّاء إلى صحراء قاحلــــة !.. تلاشت قصورٌ زُمُرُّديَّـــــــةٌ
.. وكأنّ كل ما حولي ينهار تباعاً
.. ليَتقزّمَ العالَمُ ويتوقّفَ الزمن إلا من مرارة الإحساس!
.. تنتفض الذات وتتعالى النبضات!
.. تطرق بشدةٍ جدارَ القلب .. تخالها تنشدُ الانطلاق من قيدهـــــا وسلاسلها التي كبَّلتهـــا!
.. شعلـــــةٌ تستعرُ في النفس المعذَّبـة .. جمرةٌ تلفحُ من يلمسها
.. وقطرةُ نــــدىً تائهة في بحور الظلام .. كطلاسم وأحجيات
.. يغوصُ المرء في حَلِّها أو فــــكِّ رُموزِهــــا!..
أصواتُ القدر المحتوم تزلزل الأعماق، وشروخ على صفحات الفؤاد، تنزف ما إن تلامسه الريــــــــــاح!
.. لقد تكدَّرت شهبُ آمالها .. واعتصرت الآهاتُ كلَّ ما فيهـــــــا، حتى غدتْ كأنها تهوي إلى قبرٍ يضُمُّها
.. ويخنق أنفاسها
.. صرخت: لا طـــــاقة لي بقساوة الأقدار التي ما انْنفَكّتْ تُمطرنــــي مزيـــداً من المنون والنائبات!
.....لا احتمال لي على جفاء الواقــــع وصقيعه، حيث الروح لا تدري مرساها من مجراهـــا وإلى أيـــن المطاف!
.. تنساب الآلام لتغمرَها كالطوفـــــــان .. وأثيرٌ حارقٌ يلفح مآخذهــا
.. ليترقرقَ الدمع ويهوي حارقاً الوجنات
.. وهديرٌ يحاول أن يُحيلَ أجمل الذكريــاتِ إلى تاريــخٍ من قشٍ، تتقاذفه رياح الجنوب والشمال
، فلا تُبقي له أثراً إلا عبق الدخان والرمــــاد
.. وتتلوّن الأطياف بصبغاتٍ غريبةٍ لم أعهدهـــا
.. بعد أن كانت تُكحّل ليلي مع نهاري، لتغدوَ سهاماً تجرح ما تبقى مني، وطنيناً يُصمُّ الآذان!
... هرعت إلى كوخها الصغير .. التقطت شمعةً قديمـــــــةً
.. أشعلتها لتصطليَ بوهجها الخافت، لتنيرَ عتمة ليلها
.. لعلَّ بريقها الدافئ ينتشل ما تبقى من بقاياها المتناثرة، ويحنو عليها القدر في خلوتها
.. فهي هاربة من كل شيءٍ حولها: من همومها، من فناء غربتها
.. إلى طَوْقِ نجاةٍ يمنحها الأمل !
.. أمسكت اليراع فانحنـى أمام عظمة جراحاتها، حاولت أن تصرخَ من جديدٍ
.. إلا أنّ صدى صوتها عاد صامتاً إلا من أنّاتهــا
.. حاولت أن تنطقَ .. أن تعبّــرَ .. أن تترجمَ على الأوراق ما يعتمل في نفسها
.. إلا أنّها علمت أنّه عبثٌ مع المستحيل،
وأيقنتْ أنّ ما فيها فـــــــــوقَ مستوى الكلام!..
No comments:
Post a Comment